espace-libre
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الفضاء الحر يرحب بكم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخوللوحة المفاتيح

 

 سيرة الحبيب المصطفى "الجزءاالسادس "

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
grand-vision




عدد الرسائل : 114
تاريخ التسجيل : 12/02/2008

سيرة الحبيب المصطفى "الجزءاالسادس " Empty
مُساهمةموضوع: سيرة الحبيب المصطفى "الجزءاالسادس "   سيرة الحبيب المصطفى "الجزءاالسادس " I_icon_minitimeالجمعة 29 فبراير 2008, 18:10

إيـذاء قريـش للنبى وأصحـابه


فزعت قريش لهذه الدعوة الجديدة ، وهالها الأمر إذ كانت ترى فيها الخطر الداهم الذى يهدد كيانها المادى والأدبى فلقد كانت الكعبة مركز عبادة الأصنام وكانت محج العرب ومورد ثروتهم ، وكان زعماء قريش يستمدون مجدهم وفخارهم وعزهم وعظمتهم على سائر الناس من صلتهم بالبيت الحرام ، وقيامهم على حراسة الأصنام وسقاية الحجاج كما كانوا يعتبرونها مورد رزق وينبوع ثروة ، بالتجارة التى يحترفونها . فانتصار محمد معناه ضياع سلطانهم الأدبى والمادى ، وهو أعز ما يعتمدون عليه فى حياتهم ، لذلك عظم الأمر واشتد ، وأخذوا يفكرون فى حزم وجد فى أمر محمد بعد أن نال من أصنامهم جميعا فعملوا على إعاقة الدعوة الإسلامية باضطهاد صاحبها ومن اتبعه .

إيذاؤهم للرسول صلى الله عليه وسلم :
روى عن طارق المحاربى أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السوق يقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تُفْلِحُوا) ، ورجل خلفه يرميه بالحجارة قد أدمى عقبه (2) وقال : لا تطيعوه فإنه كذاب . فقلت من هذا؟ قالوا محمد وعمه أبو لهب .
أما امرأته أم جميل بنت حرب أخت أبى سفيان ، فكانت أيضا فى غاية العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكثيرا ما كانت تضع الشوك فى طريقه ، وتلقى بالقاذورات النجسة أمام بيته ، ولم تترك عملا فيه إيذاء للرسول صلى الله عليه وسلم إلا فعلته وحتى لم تكتف بهذا الإيذاء العملى بل كانت تسب الرسول صلى الله عليه وسلم وتذمه ، وتوقع العداوة بينه وبين الناس ، لعنها الله : وأنزل فيها قوله تعالى : " وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَد (5) " . سورة المسد (1) .
أما أبو جهل لعنه الله فكثيرا ما أساء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد ألقى عليه مرة أثناء صلاته شاة مذبوحة ، فتحمل الأذى وذهب إلى ابنته فاطمة رضى الله عنها فأزالت عنه النجاسة والأقذار ، ونهى الرسولَ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فى البيت الحرام ، فلما لم ينته تعرض له بالمنع فقابله الرسول بالشدة ، وهدده ، فقال : أتهددنى وأنا أكثر أهل الوادى ناديا ومنزلا؟ فرد الله تعالى عليه تهديدا له ووعيدا بقولـه : " كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب (19) " . سورة العلق (2) .
وكان عقبة بن أبى معيط يجاور رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منزله ، ومما صنعه ذلك الشقى : ما رواه البخارى فى صحيحه قال : بينما النبى صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقال: " أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ " .
وكان الأسود بن عبد المطلب ابن عم السيدة خديجة كان هو وحزبه إذا مر عليهم المسلمون يتغامزون بهم سخرية واستهزاء ، وفيهم نزل قولـه تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) " . سورة المطففين .
وكان الوليد بن المغيرة عم أبى جهل من أكابر قريش فى المركز الاجتماعى والمادى ، وكان كذلك من أكابر المجرمين الذين كادوا للرسول صلوات الله وسلامه عليه . سمع القرآن مرة من النبى صلى الله عليه وسلم فقال لقومه " والله لقد سمعت من محمد كلاما ، ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق (3) وإنه يعلو ولا يعلى عليه " فقالت قريش صبأ (4) والله الوليد لتصبأن قريش كلها ، فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه ، ثم توجه إليه وجلس أمامه حزينا ، وكلمه بما حمسه ضد محمد مما جعل الوليد يأتى القوم فى ناديهم ويخاطبهم قائلا : أتزعمون أن محمدا لمجنون فهل رأيتموه يهوس؟ وتقولون إنه كاهن فهل رأيتموه يتكهن؟ وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط؟ وتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب؟ فقالوا فى كل ذلك : اللهم لا . ثم قالوا فما هو؟ ففكر قليلا ثم قال : ما هو إلا ساحر ، أما رأيتموه فرق بين الرجل وأهله وولده . فاهتز النادى فرحا بهذا الرأي الذى سيفرق بين محمد وعشيرته ، وسيباعد بينه وبين الناس ، وأنزل الله ردا عليه فى آيات بينات مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم :" ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26)  سورة المدثر (1)
وغير هؤلاء وهؤلاء ممن عميت بصائرهم وطمس الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم، وقد هلكوا جميعا بعد الهجرة فمنهم من قتل ومنهم من ابتلاه الله بالأمراض الفتاكة فقضت عليه .
لون آخر من ألوان الإيذاء (عناد قريش) :
لقد اعترضت قريش على النبى صلى الله عليه وسلم وطلبت إليه عدة مطالب على وجه العناد لا على وجه طلب الهدى والإقناع ، ولذا لم يجابوا إلى كثيرا مما طلبوا لأن الله سبحانه وتعالى يعلم أنهم لو أجيبوا إلى ما سألوه لاستمروا فى طغيانهم وكفرهم ، قال تعالى : " وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ ءَايَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ (109)" ، "وَلَـْو أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) " . سورة الأنعام .
وروى أن قريشا قالت للنبى صلى الله عليه وسلم ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك . فدعا ربه ، فأتاه جبريل فقال له : إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك : إن شئت أصبح الصفا لهم ذهبا ، فمن كفر منهم بعد ذلك أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ، وإن شئت فتحت لهم باب الرحمة والتوبة . قال صلى الله عليه وسلم بل التوبة والرحمة .


وقد بلغ من عنت قريش ووقوفهم فى سبيل الدعوة أن أذاهم لم يكن مقصورا على الرسول صلى الله عليه وسلم بل تعدوا إلى المستضعفين والأرقاء الذين لم يكن لهم من يحتمون أو يعتزون بعصبيته فقبض أهل مكة على الكثير منهم كى يفتنوهم عن دينهم ويردوهم بعد إيمانهم كفارا .

ومن هؤلاء :

1- بلال بن رباح الحبشى : لاقى بلال من سيده أمية بن خلف أنواعا من الأذى ، وألوانا من التعذيب لا يصبر عليها إلا مؤمن قوى الإيمان ، فكان إذا حميت الشمس وقت الظهيرة يلقيه سيده على وجهه وظهره ، ثم يضع حجرا على صدره ويقول له : ستظل هكذا حتى تكفر بمحمد وتؤمن باللات ، ولكنه احتمل كل هذه الآلام ، وصبر على الأذى والنكال ، وكلما التمسوا منه جوابا لا يرد عليهم إلا بتلك الكلمة التى ملكت نفسه ومشاعره (أحد..أحد) .وقد رآه أبو بكر يوما يقاسى أشد العذاب فقال لسيده أمية : ألا تتقى الله فى هذا المسكين ، فقال أنت أفسدته وفتنته عن دين آلهتنا وعبادة أصنامنا ، فعرض عليه أبو بكر ثمنا له ، وما زال يساومه حتى اشتراه منه وأعتقه فى سبيل الله بعد أن خلصه من تعذيب سيده . وفى هذا نزل قول الله تعالى " فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لاَ يَصْلاَهَا إِلاَ الأَشْقَى (15) الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (17) الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21) " . سورة الليل .
والمقصود بكلمة الأشقى فى الآية الكريمة هو أمية بن خلف ، والأتقى هو أبو بكر الصديق رضى الله عنه . وقد نبه الله عز وجل على أن بذل أبى بكر الصديق لمال فى شراء بلال وغيره لم يكن إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ، وكفى بهذا شرفا وفضلا .

2- عمار بن ياسر :وكان أبوه ياسر حليفا لبنى مخزوم ، ولما كان عمار وأبوه وأمه واقعين تحت نفوذ المشركين من بنى مخزوم فإنهم أوقعوا بهم من العذاب مالا طاقة لأحد به فكانوا إذا اشتدت حرارة الشمس ألبسوهم أدرع (1) الحديد وصهروهم فى الشمس ، ويالها من قسوة بالغة إذا عرفنا حر مكة فى فصل الصيف ، ولقد مر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم فى العذاب فقال لهم " صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة " ، " وأبشروا آل عمار وآل ياسر ، فإن موعدكم الجنة " وقد مات ياسر من العذاب ، وأما امرأته سمية فقد أغلظت القول لأبى جهل فطعنها فى قلبها بحربة كانت فى يده فماتت ، وشددوا العذاب إلى عمار بتعريضه للشمس المحرقة بين صخور مكة ورمالها تارة وبوضع الصخر على صدره تارة أخرى ، قائلين له لا نتركك حتى تسب محمدا وتقول فى اللات والعزى خيرا ففعل فتركوه ، فأتى النبى صلى الله عليه وسلم يبكى فقال : ما ورائك؟ قال شر يا رسول الله ، كان الأمر كذا وكذا وقص عليه الخبر ، فقال : يا عمار إن عادوا فعد ، فأنزل الله تعالى : " مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ " . النحل آية 106 .

3- خباب بن الأرت :كان من السابقين فى الإسلام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ويألفه قبل النبوة . أخذه الكفار وسحبوه على وجهه ، وعذبوه عذابا شديدا فنزعوا ثوبه عن جسده وألقوه على الرمضاء (2) وجاءوا بالحجارة المحماة ووضعوها على ظهره ولووا رأسه ، كل ذلك من أجل أن يعود فى الكفر ولكنه لم يجبهم إلى شىء مما أرادوا ، ولم يزده التعذيب إلا إيمانا وتثبيتا .

4- أبو بكر الصديق :وممن أوذى فى الله أبو بكر الصديق رضى الله عنه على الرغم من مكانته فى قريش فلقد وجه إليه المشركون كثيرا من الأذى والعنت حتى خرج مهاجرا إلى الحبشة ، فلقيه ابن الدغنة وهو من سادات العرب ، فسأله ، إلى أين يا أبا بكر ، فقال أخرجنى قومى وإنى أريد أن أسيح فى الأرض وأعبد ربى ، فقال مثلك يا أبا بكر لا يخرج "وأنت فى جوارى وحماى" فرجع مع ابن الدغنة وعرفت قريش أن أبا بكر فى جواره وحماه فطلبت قريش من حامى الصديق أن يأمره بعبادة ربه فى داره ، ولا يجهر بصلاته وقراءته فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا ، فلبث أبو بكر فى داره يعبد ربه ، ثم بدا له أن يبنى مسجدا بفناء داره ، فبناه ، وكان يصلى فيه ويقرأ القرآن ، فيهرع إليه نساء المشركين وأبناؤهم ينظرون إليه ويسمعون إلى ما يقرأ ، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة وقالوا له إن أبا بكر قد أخل بالشروط فابتنى مسجدا وأسمع الناس صلاته وقراءته وقد خشينا الفتنة على نسائنا وأبنائنا ، فأتى ابن الدغنة وقال له : إما أن تلتزم شرط الجوار وإما أن ترجع إلى ذمتى وجوارى ، فقال أبو بكر إنى أرد عليك جوارك ، وأرضى بجوار الله ، وكان سببا فى أن ألحق بأبى بكر الكثير من الأذى والاضطهاد . هذا إلى جانب ما كانوا يسمونه من فحش القول واللغو من الكلام أينما كانوا ، فلم يزدهم ذلك إلا استمساكا بدينهم وحرصا على عقيدتهم ولا غرو فهم لم يدخلوا فى دين الله لغرض دنيوى يرجون حصوله ، بل شرح الله صدورهم للإسلام ، وخالطت بشاشته قلوبهم . وهكذا كانت تلك الفترة من أروع الفترات فى تاريخ الإسلام والمسلمين وكان هؤلاء الأبطال مثلا عاليا فى التضحية والفداء وقوة العزيمة وثبات الإرادة ، فضربوا للناس الأمثال ، وخلدوا ذكراهم بجلائل الأعمال ، ورسموا لأصحاب المبادىء السامية كيف يجاهدون فى سبيل الله ، وكيف يعملون لنصرة الحق وهزيمة الباطل .


حماية عمه أبى طالب له
صممت قريش على مقاومة محمد صلى الله عليه وسلم حتى تقتل الدعوة الإسلامية وتموت فى مهدها ، ولكنهم لم يجدوا إلى ذلك سبيلا ، لأنه فى كفالة عمه أبى طالب . ومع أنه لم يدخل فى الإسلام ولم يؤمن بالله ورسوله محمد فقد ظل حاميا لابن أخيه قائما دونه معلنا استعداده للدفاع عنه لذلك مشى رجال من أشرافهم إلى أبى طالب يطلبون من أن يكف ابن أخيه محمدا عن سب آلهتهم والعيب على دينهم وشتم آبائهم ، أو يخلى بينهم وبينه ، فرد عليهم أبو طالب ردا جميلا ، دون أن يعدهم وعدا صريحا بما يعزم عليه ، فاكتفوا بذلك وانصرفوا .
ولكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مع علمه بهذا الاجتماع ومطالب كبار المشركين لم يسكت عن دعوته التى ملكت عليه كل قلبه ، ولم تخفف من هجماته على معتقداتهم الفاسدة . واستمر أبو طالب على الدفاع عن ابن أخيه محمد قياما بالواجب عليه نحو من تربى فى كفالته ونشأ فى بيته ، مع أنه ظل على شركه ولم يعتنق الإسلام ، لذلك كان مركزه حرجا ، ومهمته شاقة فأمامه قريش متعصبة لأصنامها ، وقد أغضبها محمد بنشره الإسلام ومحاربته الأصنام ، وابن أخيه محمد فى جواره حتما ولا يستطيع التخلى عنه أبدا .
وفكرت قريش فى مفاوضة أبى طالب مرة ثانية ، فذهبوا إليه وذكروه بوفادتهم الأولى ، وقالوا إنهم لا يصبرون على هذه الحال وخيروه بين أن يمنع محمد عما يقوله فى آلهتهم وآبائهم ، أو يعلن موافقته على كل ما يقول ، وعندئذ يحاربونه ويصارحونه بالعداء وتحرج مركز أبى طالب بهذا الإنذار وأصبح فى حيرة ! لأنه يعظم ويصعب عليه فراق قومه وعداوتهم ومع ذلك لا ترضى نفسه بخذلان محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، وتركه فى هذا الوقت العصيب الذى وقفت فيه أكابر قريش من ابن أخيه موقفا يثير العاطفة ويحرك العصبية .
وأرسل أبو طالب إلى النبى محمد صلى الله عليه وسلم وقص عليه ما طلبت قريش وقال له : أبق علىَّ وعلى نفسك ولا تحملنى من الأمر مالا أطيق ، وفى هذا الوقت سكت محمد فترة من الزمن ، وظن أن عمه ضعف عن نصرته فهو خاذله ومسلمه . ثم التفت إلى عمه بهذه النفس القوية بإيمانها قائلا : "يا عم ـ والله ـ لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته" وقد اهتز أبو طالب لما سمع من كلام ابن أخيه ووقف حائرا أمام هذه القوة وتلك الإرادة الغالبة على كل ما فى الوجود. وامتلأ قلبه ثقة بأن محمدا لن يخذل ولن يهن ولن يتراجع ، فناداه بعد أن قام من حضرته وقال له : "اذهب فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشىء مما تكره أبدا" .


تـــــــــــــــــــــــابـــــــــــــــــــــــع


منقوووووول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيرة الحبيب المصطفى "الجزءاالسادس "
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
espace-libre :: نصرة النبي "صلى الله عليه وسلم" :: علمهم من هو النبي-
انتقل الى: