espace-libre
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الفضاء الحر يرحب بكم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخوللوحة المفاتيح

 

 د. عبد الغني التميمي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
najia

مشرف روائع القصص
 مشرف روائع القصص
najia


عدد الرسائل : 41
العمر : 43
تاريخ التسجيل : 22/02/2008

د. عبد الغني التميمي Empty
مُساهمةموضوع: د. عبد الغني التميمي   د. عبد الغني التميمي I_icon_minitimeالأربعاء 27 فبراير 2008, 16:26

كان الظلام وقتئذ يحتضن كل شيء. والناس والدواب قد خضعوا لقانون السكون. قام فزعاً والعرق يتصبب من إبطه، أرسل صرخة أيقظت زوجته ، كاد الرعب يخرج قلبها من قفص الصدري. بحثت في الظلام عن علبة أعواد الثقاب. أشعلت المصباح بسرعة سألته: (مالك يا إدريس.. قل بسم الله.. قل باسم الله).

قال وهو بالكاد يلملم أنفاسه: (باسم الله.. هه هه هه.. الحمد لله.. هه هه هه الحمد لله.. لم يكن حلمي.. هه هه هه حقيقة).

صبت له كوباً من الماء..قالت له: اشرب كي تهدأ قليلاً..إنه العشاء الدسم الذي يسبب مثل هذه الأحلام.

استلقى على سريره والمشهد الكابوسي ما زال في عينيه وكأنه حقيقة ماثلة، وبعد غفوة قصيرة رأى الحلم نفسه وهب معلناً صرخة ثانية.. قامت زوجته بالفزع نفسه، وضعت يدهل على كتفه وضغطت باليد الأخرى على صدره..سألته: أي شيء يشغلك يا عزيزي..هل تخبئ عني شيئاً؟ قل لي كي أتقاسم الهم معك.

قالSadلا.. ولكني قد رأيت حلماً مفزعاً.. أن الدنيا كلها مليئة بأصوات مرعبة، وكانت السماء قد اكتست بسحب حمراء، وقفت أحدق فيها طويلاً، وهطل مطر كالدم، مطر تكاد تقترب حمرته من السواد..سالت الدماء في شوارع القرية وصار كل شيء باللون الأحمر ، وكان كل شيء يصدر صوتاً حتى الأشجار كانت تبكي بكاءاً شديداً ، ثم جاءت ريح صرصر عاتية تحمل معها الحصى والحجارة والجمر.. كان المنظر قاسياً .. الناس يجرون في انحناء يتقون شر الحجارة ولكن لا وقاية.. وسبحت قريتنا تسبح في بحر من الدم نحن والحجارة والنار وكان أصواتنا غريبة كالرعد ، لا.بل صواعق،لا ..بل أفظع من ذلك.

ثم رأيت الشمس تسقط نحونا مسرعة.. وحينما صرخت كانت مني على ارتفاع متر..وصحوت).

قالت له الزوجة في هدوء: اللهم اجعله خيرا.. لا تقلق.

قال: إن الذي يقلقني أكثر يا سارة هو أنه قد تكرر بالمشاهد نفسها.. أي مصيبة في انتظارنا..سترك يا رب.

أصبح الصبح وكان الجو رائعاً وكانت الشمس هادئة، وفي الآفاق سحابات سوداء تبشر بمطر غزير، خرج من بيته وكانت أغنام الحي في انتظاره في تلك الساحة قرب البئر، فقد كان راعياً لها، ألفها وألفته.. ثم خرج بها إلى الخلاء البعيد لترتع.. لم يغن لها في ذلك الصباح.

صعدت إلى أعلى الجبل وتبعا هو بخطىً ثقيلة . كان ينظر إلى الآفاق ويتمثل ليلة البارحة.. ثم ينظر إلى الشمس تعبس في وجهه، عبوس من يريد أن يرهب، ثم ينظر إلى حجارة الجبل وفجأة تدحرجت إحدى الحجارة وتبعتها أخريات وهو شارد الذهن واضطرب فؤاده وكأن الحلم قد بدأ يتحقق. ثم نظر ثانية إلى الأفق الشمالي.. فتح عينيه بدرجة لا توصف، وضع سبابة يمناه والإبهام عمودي على جبهته، رفع رأسه: ما هذا ؟ ..غبار كثيف؟،أي داهية هذه؟ أصوات خيول.؟!.

لقد رأى جيشاً عرمرماً يتجه نحو قريته. فجأة تذكر تهديد (الساطع)لأهل القرية. نسى غنمه وأخذ يجري ويجري، وأشواك الشجيرات تمزق جسمه وملابسه حتى وصل القرية.. وجد الناس في الساحة قرب البئر يرقصون ويغنون ، صاح فيهم: يا أهل القرية، أيها الناس ، هنالك جيش عظيم بالقرب من أرضنا ،استعدوا واخرجوا ، اخرجوا للمواجهة، لقد نفذ الساطع تهديده، إنه إن جاء لن يبقى منكم أحد هيا اخرجوا.

وبعد جهد شاق استطاع أن يلفت أسماعهم التي قد اندمجت مع الغناء وأعينهم التي اندمجت مع الرقص.

عمت الضجة أرجاء المكان..تفرق الناس.. كل قد ذهب إلى بيته و(إدريس) يهتف يذكر في الناس.. وفجأة ظهرت له زوجته، تذكر تلك الدماء وتلك الأصوات.

وواصل تذكرته، عمت الفوضى، هذه أم تبحث عن أبنائها، أطفال ونساء يصصطرخون، أخت تمسك بأيدي إخوتها، عجوز تخرج متكئة على عصاها.. كل يجري في اتجاهات مختلفة مثل جزيئات ماكينة عملاقة.

وبعد زمن طويل اجتمع الجيش الذي سيصد العدوان، اقترح (جابر)عميد (أولاد عبدالحميد)أن تكون الراية حمراء، واقترح (طارق) عميد(أولاد موسى) أن تكون الراية سوداء.

وتعالت الأصوات:

- (ستكون الراية حمراء) – (ستكون الراية سوادء) – (حمراء) – (سوداء) – (حمراء) – (سوداء).

واشتبكوا وكادوا يقتل بعضهم بعضاً، ولم يصلوا إلى شيء، وهطل المطر غزيراً وكانت الأرض طينية..وسالت المياه، والناس في فزع يركضون ويسقطون على الأرض، وفي تلك اللحظات هجم العدو. فقطعوا الرقاب، وسالت الدماء، وأسر من أسر وكان(طارق)و(إدريس) و(جابر)قد قيّدوا بقيد واحد ، فقال جابر لطارق: ماذا لو اتبعتني؟. وقال طارق: وماذا لو اتبعتني؟. وقال إدريس: وماذا لو احتفظ كل منا برايته وقاتلنا عدوّاً واحداً.

معتصم أبّكر محمود*
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
د. عبد الغني التميمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
espace-libre :: النادي التقافي :: روائع القصص-
انتقل الى: