espace-libre
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الفضاء الحر يرحب بكم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخوللوحة المفاتيح

 

 تأملات في أصحاب الكهف 3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نانا

مشرف علوم القران والحديث
 مشرف علوم القران والحديث
نانا


عدد الرسائل : 42
تاريخ التسجيل : 25/02/2008

تأملات في أصحاب الكهف 3 Empty
مُساهمةموضوع: تأملات في أصحاب الكهف 3   تأملات في أصحاب الكهف 3 I_icon_minitimeالجمعة 23 مايو 2008, 06:01

عرض موجز للقصة
﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ ليمكثوا فيه بعيدًا عن أعين الراصدين لهم، والباحثين عنهم من قبل الملك الذي أرسل في طلبهم من يأتي بهم بعد أن هربوا من بطشه وظلمه.

جمعوا بين الأخذ بالأسباب والتوجه إلى العزيز الوهاب فقالوا: ﴿رَبَّنَا﴾ وفي التعبير بعنوان الربوبية تأدب مع الله تعالى، أي: يا من خلقتنا ورزقتنا وهديتنا ﴿آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً﴾، دعاء صادق من قلوب خالصة، ونفوس زكية ترجو رحمة ربها وتلتمس رشده، فكان أن عمَّهم الله بفضله وشملهم برحمته وأحاطهم بعنايته.

· وفي هذا درس عملي للدعاة والمصلحين أن لا يغفلوا عن سلاح الدعاء مع مراعاة الأدب مع الله، وانتقاء العبارات المناسبة فلكل مقام مقال، وفي القرآن الكريم والسنة النبوية أدعية مباركة لها دلالتها وخواصها وآثارها وفعاليتها، فأهل الكهف التمسوا أمرين مهمين هما رحمة الله بهم وإرشاده لهم، وفي طلبهم للرحمة مع الرشاد ما يدل على أنهم ماضون في طريق الحق ثابتون عليه مهما كلفهم من تضحيات.

· وتتجلى أهمية هذا الدعاء للدعاة والمصلحين حين يواجهون المحن والابتلاءات والفتن والعقبات أو تتشعب بهم الآراء، أو يقفون على مفترق الطرق.

﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا﴾ فالسمع هو الوسيلة الرئيسة في تنبيه النائم خاصة من ينام بمعزل عن الناس، والنائم لا يسمع في العادة ما حوله من أصوات بمجرد استغراقه في النوم.

﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَي الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ أي: ليتحقق ذلك الذي في علم الله تعالى عيانًا، حيث يصير هذا العلم واقعًا معاينًا، فيتبين أي الحزبين أحصى. أمدهم أي: مدة لبثهم في الكهف حيث صارت تلك المدة موضع خلاف بين العلماء، أو المراد بالحزبين أهل الكهف حيث زعم بعضهم أنهم لم يلبثوا إلا يومًا أو بعض يوم، وبعضهم ظنَّ أنَّ المدة طالت فتوقف وفوض علم المدة إلى الله كما سيأتي بيانه في الحوار الذي دار بينهم عندما انتبهوا من نومهم فتساءلوا بينهم. قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ

الفتية في رحاب الإيمان
﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ﴾ تفصيل بعد إجمال وتقرير بعد بيان، فالقرآن الكريم كتاب الحق نزل بالحق على قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق إلا بالحق وقصصه الحق وكل ما فيه من حكم وأحكام وعبر وعظات ووعد ووعيد هو الحق من عند الله.

والذي يقص نبأهم هو العليم بحالهم، المدبر لشئونهم، وفي هذا تشويق للقارئ؛ حين يسمعها من المولى عز وجل. وفي التعبير بالنبأ إشارة إلى أن قصتهم لها شأن عظيم وخطب جليل.

﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ ﴾ وفي التعبير بالفتوة بيان لحداثة سنهم وقوة إرادتهم وحماسهم للحق.
واختلفوا في سبب إيمانهم. قيل: إنهم آمنوا عن طريق حواري المسيح –عليه السلام- ونقل المفسرون رواية مردها إلى الإسرائيليات[1].
وقيل: إنَّما استجابوا لنداء الفطرة فاهتدوا بفطرتهم السليمة وعقولهم الغضة.

فائدة:
فى قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ إشارة إلى حداثة سنهم وفتوتهم وطاعتهم لربهم في هذه المرحلة المهمة في حياة الإنسان مرحلة الشباب، وهى مرحلة البذل والعطاء، ومرحلة القوة والحماس، ولقد عُنى الإسلام بإعداد الشباب وتوجيههم ورعايتهم، فهم عماد الأمة وأساس نهضتها ونبراس حضارتها ومنطلق تقدمها وتحررها، ومبعث عزها وصناع أمجادها.

إنَّ مرحلة الشباب مرحلة حاسمة فى حياة الإنسان لها أهميتها ولها خطرها، وحين ينشأ الشاب فى رحاب القرآن ويحيا تحت ظلال الإيمان فإن جزاءه يوم القيامة أن ينعم بظل الرحمن، قال صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في طاعة الله) الخ الحديث[2].
وهنيئاً لشاب حافظ على شبابه وصرفه في طاعه ربه، سيما فى مجتمعات شاعت فيها الفتن، فتن الشبهات، وفتن الشهوات، فترى الأديان المحرفة والرايات الزائفة، وتجد من يشوه الحقائق ويزخرف الأباطيل، وينشر الفساد والانحلال.
وعجباً لمن يحفظ شبابه في هذا التيه، ويصارع أمواج الفتن ويجابه أعاصير المحن فيصمد ويثبت ويعبر هذه المرحلة الحاسمة سالماً معافى ؟
روى الإمام أحمد في مسنده عن عقبة مرفوعاً: إن الله ليعجب للشاب لا صبوة له [3]

﴿وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ أي: بصرناهم بمقتضيات الإيمان وأركانه وبراهينه، فازدادوا إيمانا على إيمانهم وهدى على هداهم مصداقًا لقول الحق جل وعلا ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا﴾ [سورة مريم]

وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ﴾ [سورة محمد] فكما أنَّ الإيمان يزيد وينقص فكذلك الهداية.
قال أبو السعود: « ﴿وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ بأن ثبتناهم على الدين وأظهرنا لهم مكنونات محاسنه»[4].
والذي يتأمل حديثهم الممتع وعرضهم الرائع لأصول الإيمان وإدراكهم لما عليه قومهم من كفر وضلال، ودقة براهينهم وعمق تحليلاتهم وتبصرهم بأمر دعوتهم وتحليهم بمكارم الأخلاق في مجتمع ساد فيه الفساد والانحلال وعمه الكفر والضلال، المتأمل في ذلك كله يدرك أنهم كانوا على بينة من أمرهم و علم نافع وبصيرة نافذة نابعة من أصول شرعية كانت ثمرة لدعوة وتربية من أحد المؤمنين بالدين الحق الذي جاء به نبي الله عيسى -عليه السلام-، فضلاً عن فطرتهم السليمة وعقولهم الراجحة التي كانت سببًا لهدايتهم.
﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا
﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ أي: شددنا عليها وثبتناها، ليواجهوا رياح الفتن وأعاصير المحن ويجابهوا موجات الكفر العارمة وتياراته الجارفة التي تولى كبرها وحمل لواءها الملك وبطانته ودعاة الكفر وسدنته، فألهم الله عز وجل أولئك الفتية بالصبر والثبات في مجابتهم لتحالف الشر.
قال صاحب روح البيان: «﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ أي: قويناهم حتى اقتحموا مضايق الصبر على هجر الأهل والأوطان والنعيم والإخوان واجترأوا على الصدع بالحق من غير خوف ولا حذر، والرد على دقيانوس الجبار[5]، وفي الحديث (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)[6]»[7].

تقرير العقيدة الصحيحة
﴿إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ قاموا بين يدي الملك الجبار، أو قاموا بمعنى اجتمعوا، أوانبعثوا وعزموا على المضي قدما في طريق الحق.

قال الإمام القرطبي -رحمه الله-: «قوله تعالى: ﴿ إِذْ قَامُوا فَقَالُو﴾ يحتمل ثلاثة معان: أحدها: أن يكون هذا وصف مقامهم بين يدي الملك الكافر - كما تقدم، وهو مقام يحتاج إلى الربط على القلب حيث خالفوا دينه، ورفضوا في ذات الله هيبته. والمعنى الثاني فيما قيل: إنهم أولاد عظماء تلك المدينة، فخرجوا واجتمعوا وراء تلك المدينة من غير ميعاد؛ فقال أسنهم: إني أجد في نفسي أن ربي رب السماوات والأرض؛ فقالوا ونحن كذلك نجد في أنفسنا. فقاموا جميعا فقالوا: "ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا". أي لئن دعونا إلها غيره فقد قلنا إذا جورا ومحالا. والمعنى الثالث: أن يعبر بالقيام، عن انبعاثهم بالعزم إلى الهروب إلى الله تعالى ومنابذة الناس؛ كما تقول: قام فلان إلى أمر كذا إذا عزم عليه بغاية الجد»[8]

أقول: وهذه المعاني جميعها محتملة ومتلازمة ولا تعارض بينها، فلا مانع من حمل القيام عليها وتضمينه معنى العزم والمضاء والنهوض بالحق والقيام به وتحمل تبعاته، واجتماعهم على غير موعد، وصدوعهم بالحق أمام الملك .

فائدة جليلة:
أورد القرطبي في تفسيره: «عن ابن عطية قال: تعلقت الصوفية في القيام والقول بقوله تعالى: ﴿إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾[9].
وتعقبه القرطبي بقوله: «قلت: وهذا تعلق غير صحيح هؤلاء قاموا فذكروا الله على هدايته، وشكروه لما أولاهم من نعمه ونعمته، ثم هاموا على وجوههم منقطعين إلى ربهم خائفين من قومهم؛ وهذه سنة الله في الرسل والأنبياء والفضلاء الأولياء. أين هذا من ضرب الأرض بالأقدام والرقص بالأكمام وخاصة في هذه الأزمان عند سماع الأصوات الحسان من المرد والنسوان؛ هيهات بينهما والله ما بين الأرض والسماء. ثم هذا حرام عند جماعة العلماء، على ما يأتي بيانه في سورة لقمان إن شاء الله تعالى. وقد تقدم في "سورة سبحان" عند قوله: ﴿ولا تمش في الأرض مرحا﴾ [الإسراء: 37] ما فيه كفاية. وقال الإمام أبو بكر الطرسوسي وسئل عن مذهب الصوفية فقال: وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري؛ لمَّا اتخذ لهم عجلاً جسدًا له خوار قاموا يرقصون حواليه ويتواجدون؛ فهو دين الكفار وعباد العجل، على ما يأتي.[10].

﴿فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ
لقد اجتمعت كلمتهم، وتوحدت دعوتهم فقالوا جميعا بألسنتهم وقلوبهم ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ فهو تعالى المتفرد بالربوبية فلا رب غيره وهذا دليل على تفرده عز وجل بالألوهية فلا معبود سواه، والعجيب أن المشركين بالله تعالى يقرون له بالربوبية ومع ذلك يشركون به آلهة أخرى.
قال أبو السعود رحمه الله: "وضمنوا دعواهم ما يحقق فحواهم ويقضي بمقتضاها فإن ربوبيته عز وجل لهم تقتضي ربوبيته لما فيهما ".[11]
﴿لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا
كما يزعم المشركون، حيث أشركوا بالله غيره في الألوهية مع إقرارهم بأن الخالق الرازق هو الله لذلك جاء التعبير ب ﴿إِلَهًا﴾.

﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطً
إنَّ نحن قلنا بمقالتهم الباطلة فقد انحرفنا عن المنهج القويم ونكبنا عن الصراط المستقيم، والشطط هو مجاوزة الحد والانحراف عن الجادة والبعد عن الحق ومنه شطت الدار إذا بعدت

بيان بطلان عقائد الشرك
﴿هَؤُلاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبً﴾ بعد أن أعلنوا عقيدة التوحيد أعلنوا البراء من عقائد الشرك فأنكروا ما كان عليه قومهم من ضلال، حيث ادعوا لله شركاء.

﴿لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّن﴾ فالدعاوى لا بد لها من بينات، وينبغي على كل من جاء برأي أو قول لا أصل له ولا برهان له به أن يأتي بالدليل إثباتا لما ادعاه وإلا فهو مُدّعٍ.
قال الرازي: " فثبت أن الاستدلال بعدم الدليل على عدم المدلول طريقة قوية "[12].
وقال صاحب روح البيان: " وفيه دليل على أن ما لا دليل عليه من الديانات مردود، والآية إنكار وتعجيز وتبكيت لأن الإتيان بالسلطان على عبادة الأوثان محال "[13].

﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ أي: ليس هناك أظلم ممن افترى على الله عز وجل وهو الذي خلقه ورزقه.
فالشرك بالله أعظم وأشنع أنواع الظلم، قال الله تعالى: "إن الشرك لظلم عظيم".[14]
وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (قال الله تعالى " كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذبيه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا).[15].

فائدة: في مدارسة العقيدة، وعرضها على العقول تقريرا لها وتذكيرا بها وتوصية بالثبات عليها، فضلا عن تجديد الإيمان وزيادته، وهي من التواصي بالحق، وتثبيته في النفوس، وترسيخه في القلوب،وفي قصص الأنبياء والصالحين من الصفحات المضيئة والمواقف الرائعة والعبر والعظات ما يثبت الفؤاد ويرطب الأكباد ويربط على القلوب برباط الإيمان .

طريق النجاة
﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا﴾ بعد تقريرهم لعقيدة التوحيد وإبطالهم لعقيدة الشرك وبراءتهم من الكفر وأهله بينوا واجبهم الذي يتحتم عليهم فعله وهو اعتزال قومهم وما يعبدونه من دون الله والبراء من شركهم، فما في قوله تعالى ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ﴾ موصولة أو مصدرية، والمعنى: اعتزلتم عبادتهم أو اعتزلتم معبوداتهم من دون الله.

﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾ أي: امكثوا فيه مدة، واجعلوه مأوى لكم إلى أن يقضي الله أمرا، واللام في ﴿الْكَهْفِ﴾ تدل على العهد الذهني أي الكهف الذي يتبادر إلى أذهانهم لذا قالوا: ﴿إِلَى الْكَهْفِ﴾ ولم يقولوا: إلى كهف والذي يبدو لي أن هذا الكهف كان معروفا لهم إمَّا لشهرته وإمَّا لأنهم مروا به في تريضهم وسياحتهم والله أعلم.

﴿يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته﴾ أي: يبسط لكم ويفيض عليكم من رحمته التي تستنزلونها وتستمطرونها بطاعتكم لربكم وخروجكم في سبيله وابتغاء مرضاته.

﴿ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا﴾ أي: ما فيه من منافع لكم فترتفقون به قال ابن عباس :" يسهل عليكم ما تخافون من الملك وظلمه ويأتكم باليسر وبالرفق واللطف[16] .
وفي هذا دليل على حسن ظنهم بربهم وجميل توكلهم عليه، قال صاحب روح البيان: "وجزمهم بذلك لخلوص يقينهم عن شوب الشك وقوة وثوقهم"[17].size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تأملات في أصحاب الكهف 3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
espace-libre :: ألشريعة والحياة :: علوم القران-
انتقل الى: